بفوزه الساحق..هل يطيح العمدة المسلم بترامب من البيت الأبيض؟!
تقرير يكتبه عادل خفاجي:
بعد فوزه الساحق والتاريخي بمنصب عمدة نيويورك، أصبح الشاب المسلم الأمريكي زهران ممداني حديث العالم. ذلك المهاجر والمولود في أوغندا من أصول هندية، أصبح رمزاً للتحولات العميقة في المشهد السياسي والاجتماعي الأمريكي.
إن هذا الفوز التاريخي ليس مجرد حدث انتخابي، بل كان انعكاساً لصعود دور المواطنين العاديين في إعادة تشكيل السياسة بعيداً عن نفوذ الشركات الكبرى أو الدعم التقليدي للأحزاب، وخصوصاً في مواجهة تحديات ضخمة خلال حملته الانتخابية. فقد واجه ممداني حملات إعلامية مكلفة من منافسيه، مدعومة من شخصيات نافذة في عالم الأعمال والسياسة، بالإضافة إلى تهديدات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن صراحة أنه سيقلل الدعم الفيدرالي لنيويورك في حال نجاح ممداني.
ورغم هذه الضغوط، استطاع ممداني تحقيق فوز بفارق تاريخي بفضل الدعم الشعبي من العمال والممرضين والشباب، معتمداً على التبرعات الفردية المباشرة من المواطنين، بعيداً عن نفوذ اللوبيات أو الدعم الرسمي للحزب الديمقراطي. وقد ركز برنامجه الانتخابي على القضايا الاقتصادية والاجتماعية التي تمس حياة غالبية سكان المدينة، حيث تعهد بإتاحة المواصلات العامة مجاناً، وتجميد الإيجارات لمدة عامين دون زيادات، إلى جانب تعزيز الخدمات الصحية والتعليمية، وتحسين فرص العمل للشباب، وإصلاح الميزانية لضمان توزيع عادل للموارد.
ولقيت سياساته التقدمية استجابة واسعة من الشباب اليهودي التقدمي في نيويورك، الذين عبروا عن رفضهم لسياسات حكومة إسرائيل الحالية وتأثيراتها على المجتمع اليهودي الأمريكي، وهو ما يعكس تحولاً في الوعي السياسي نحو العدالة الاجتماعية ومكافحة التمييز الطبقي. وفي خطاب النصر، شدد ممداني على أهمية وحدة المواطنين ومقاومة محاولات تشتيت انتباههم عن مصالحهم الحقيقية، مؤكداً أن الهيمنة التقليدية للنخبة ليست مطلقة وأن المشاركة الشعبية لها أثر حقيقي في إعادة تشكيل السياسة الأمريكية.
ورغم الإنجاز الكبير، يثير فوزه بعض النقاشات حول القيم الدينية والأخلاقية، خاصة دعمه لقضايا المثليين والتحول الجنسي، وهو ما قد يتناقض مع معتقدات بعض الناخبين. ومع ذلك، فإن الرسالة الأساسية واضحة: التغيير ممكن، والمشاركة الشعبية قادرة على إعادة تشكيل السياسة، بغض النظر عن الخلفية الدينية أو العرقية للمواطنين.
ويطرح فوز ممداني تساؤلات جديدة حول المستقبل السياسي، خاصة بعد التهديدات المباشرة من ترامب. فهل ستشهد السنوات القادمة تصعيدات بين ممداني وترامب على مستوى السياسة الفيدرالية؟ وهل يمكن أن يسعى ممداني، بعد إثبات شعبيته وقدرته على الفوز في معركة انتخابية صعبة، إلى الترشح للرئاسة الأمريكية؟ على الرغم من التحديات، فإن قاعدة دعمه الواسعة من الشباب والأقليات قد تكون حجر الزاوية لأي طموح سياسي مستقبلي، بينما سيحتاج إلى إدارة العلاقات مع القوى التقليدية بحكمة لضمان استمرار نجاحه السياسي.
