في أكتوبر.. مصر تنتقل من قمة السلام إلى قمة الشراكة الأوروبية
عادل خفاجي يكتب:
من قمة السلام في شرم الشيخ إلى قمة الشراكة المصرية الأوروبية ببروكسل.. في شهر أكتوبر تنتصر الدبلوماسية المصرية وتوسع دوائر التعاون الدولي
في شهر الانتصارات أكتوبر، الذي يحمل في ذاكرة المصريين رمزية الإرادة والعزيمة والقدرة على تجاوز التحديات، تواصل مصر انتصاراتها على ساحة السياسة والدبلوماسية.
ففي فارق زمني ضئيل بين قمة السلام بمدينة شرم الشيخ وقمة الشراكة المصرية الأوروبية في بروكسل، برزت القاهرة كقوة توازن دولي تجمع بين صوت العقل ورؤية التنمية، وتعيد ترسيخ مكانتها كركيزة للاستقرار الإقليمي وشريك موثوق في صياغة مستقبل التعاون الدولي.
دبلوماسية السلام ورؤية التنمية
من مدينة السلام إلى عاصمة أوروبا، تتحرك مصر بخطى واثقة تعكس رؤية واضحة تقوم على الحوار والانفتاح وتغليب لغة المصالح المشتركة على منطق الصراع.
ففي شرم الشيخ، حملت القاهرة راية السلام، مؤكدًة على مركزية دورها في احتواء الأزمات الإقليمية والدعوة لحلول سلمية تضمن الاستقرار والأمن.
وفي بروكسل، انتقلت مصر من موقع الوسيط إلى موقع الشريك، لتطلق مع الاتحاد الأوروبي مرحلة جديدة من التعاون الشامل في مجالات الطاقة والتنمية المستدامة والأمن المائي والتحول الأخضر.
نهج متوازن وتحالفات متجددة
منذ تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي المسؤولية، أعادت مصر رسم خريطة علاقاتها الخارجية وفق نهج متوازن يضع المصلحة الوطنية أولاً، دون انحياز لأي محور، مع الحفاظ على جسور التعاون مع جميع القوى الفاعلة شرقًا وغربًا.
وقد نجحت القاهرة في بناء شبكة علاقات متماسكة مع الولايات المتحدة قائمة على الشراكة الاستراتيجية في مجالات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب ودعم التنمية، بينما توسعت علاقاتها مع الصين لتصبح أحد أهم محاور التعاون في إطار مبادرة "الحزام والطريق"، التي جعلت من مصر مركزًا لوجستيًا حيويًا يربط قارات العالم الثلاث.
أما على الجانب الأوروبي، فقد جاءت قمة بروكسل لتجسد انتقال العلاقات المصرية الأوروبية إلى مرحلة جديدة من التنسيق والتفاهم، حيث عبّر البيان المشترك عن التزام أوروبي واضح بدعم الأمن المائي لمصر، وتعزيز التعاون في مجالات الطاقة النظيفة والهيدروجين الأخضر، ومساندة جهود القاهرة في مكافحة الهجرة غير الشرعية والإرهاب.
قوة ناعمة وصوت عاقل في عالم مضطرب
لم تعد الدبلوماسية المصرية تكتفي بدور المتابع أو الوسيط، بل أصبحت فاعلًا رئيسيًا في صياغة السياسات الإقليمية.
فقد نجحت القاهرة في أن تكون منصة للحوار الدولي، تستضيف القمم وتطلق المبادرات، وتُعيد الثقة في دورها كقوة ناعمة تجمع المختلفين على كلمة سواء.
وفي ظل عالم يشهد تصاعد الأزمات وتراجع الثقة في أدوات الحوار، برزت مصر كصوت عاقل يوازن بين المصالح ويحافظ على الثوابت دون تصادم أو تبعية.
انتصار جديد في شهر الانتصارات
بين قمة وأخرى، تؤكد مصر أن انتصاراتها لا تقتصر على ميادين القتال، بل تمتد إلى ميدان الدبلوماسية وصناعة القرار الدولي.
وفي أكتوبر — شهر الانتصارات التاريخية — تثبت القاهرة أن إرادة الدولة المصرية قادرة على تحويل التحديات إلى فرص، والسياسة إلى جسر للتعاون، والسلام إلى طريق للتنمية.
إنها دبلوماسية أكتوبر الجديدة، التي لا تُدار بالخطابات، بل بالأفعال والنتائج، وبحضور دولة تعرف أين تقف، وإلى أين تتجه، وكيف تجعل العالم يصغي إلى صوتها بثقة واحترام.
