
المسلمانى..من زويل إلى عودة ماسبيرو ؟

بقلم عادل خفاجي :
من النادر أن تجتمع في شخصية واحدة عناصر العلم والسياسة والإعلام والثقافة، لكن أحمد المسلماني يمثل حالة استثنائية فريدة، استطاع أن يجسد هذا التداخل المتناغم ليصبح واحدًا من أبرز المفكرين والإعلاميين في مصر والعالم العربي.
البدايات
وُلد أحمد المسلماني في محافظة الغربية، ونشأ في بيئة ريفية بسيطة غرست في نفسه قيم الاجتهاد والجدية. التحق بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، وتخرج عام 1992، ثم عمل باحثًا بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، حيث كوّن قاعدة معرفية راسخة، وصقل أدواته في التحليل السياسي والفكري.
من البحث إلى الشاشة
لم يكتفِ المسلماني بالعمل البحثي والأكاديمي، بل قرر أن يخاطب الجمهور مباشرة عبر الإعلام. ففي عام 2008 أطلق برنامجه الأشهر "الطبعة الأولى"، الذي تحوّل إلى منبر تثقيفي وسياسي يجمع بين التحليل العميق والطرح الإعلامي الجاذب.
سرعان ما أصبح البرنامج واحدًا من أنجح المنصات الإعلامية في المنطقة، وشاهده أكثر من 30 مليون مشاهد داخل مصر وخارجها، ليثبت المسلماني أنه إعلامي ومفكر في آن واحد.
إنتاج فكري واسع
لم يتوقف عطاؤه عند الشاشة، بل امتد إلى المكتبة العربية عبر مؤلفات وأبحاث ومقالات تجاوزت العشرات، من أبرزها: الحداثة والسياسة، عصر العلم، ومصر الكبرى.
وتتميز كتبه بأنها ليست مجرد مؤلفات فكرية تقليدية، بل مشروعات معرفية متكاملة تربط الماضي بالحاضر، وتستشرف المستقبل بروح تنويرية جادة.
بين السياسة والعلم
برز الدور السياسي للمسلماني حين اختاره الرئيس المؤقت المستشار عدلي منصور مستشارًا إعلاميًا عام 2013، في مرحلة من أصعب المراحل التي مرت بها مصر.
كما ارتبط بعلاقة وثيقة بالعالم الراحل الدكتور أحمد زويل، وشاركه في مشروعات فكرية وإعلامية وعلمية، مما أضفى على تجربته بعدًا فريدًا يجمع بين السياسة والعلم والإعلام.
قيادة الإعلام الوطني
في نوفمبر 2024، أسندت الدولة إليه رئاسة الهيئة الوطنية للإعلام، ليبدأ فصلًا جديدًا في مسيرته، واضعًا نصب عينيه إعادة إحياء ماسبيرو كقلعة إعلامية عربية كبرى. وتقوم خطته على:
رقمنة الأرشيف التاريخي للتليفزيون المصري بالتعاون مع وزارة الاتصالات.
إطلاق بودكاست "ماسبيرو – أفريقيا" بست لغات، لتعزيز الحضور الثقافي المصري في القارة.
إحياء الإنتاج الدرامي الراقي عبر أعمال عن شخصيات وطنية بارزة مثل طلعت حرب ومجدي يعقوب.
تطوير قنوات الأطفال والبرامج الدينية بروح عصرية تخاطب الأجيال الجديدة.
إعادة هيكلة قنوات النيل بما يعيد إليها مكانتها ومصداقيتها.
نشاط اجتماعي وثقافي
امتد نشاط المسلماني إلى المجال الاجتماعي والثقافي؛ إذ أسس مؤسسة الشيخ محمد المسلماني الخيرية بمحافظة الغربية، التي تقدم خدمات تعليمية وصحية لأبناء المنطقة.
كما أطلق صالونًا ثقافيًا دوريًا يجمع نخبة من المفكرين والعلماء والمثقفين لمناقشة قضايا الفكر والسياسة والدين، في إطار رؤيته لبناء وعي عام جديد.
شخصية استثنائية
يجمع أحمد المسلماني بين الجدية الأكاديمية والحضور الإعلامي، والانخراط السياسي والدور الاجتماعي. وبينما يقود اليوم خطة تطوير الإعلام الوطني، يواصل إسهاماته الفكرية والإعلامية، مؤكدًا أن الإعلام الرسمي المصري قادر على أن يكون منصة للوعي والثقافة والتنوير.
وبدعم رئاسي مشكور ، نجح المسلمانى، قبل أن يتم عامه الأول في رئاسة الهيئة، في حل أزمات متراكمة منذ سنوات، أبرزها إنهاء معاناة ما يقرب من ستة آلاف موظف لم يحصلوا على مكافأة نهاية الخدمة بسبب إدارة سابقة غير مؤهلة.
وبعد هذا الدعم الواضح من القيادة السياسية، الذى تجلى في لقائه الأخير مع رؤساء الهيئات الإعلامية في العاشر من أغسطس الجاري ، شهدت منظومة ماسبيرو ردود فعل إيجابية من العاملين، اللي عبروا عن شكرهم وامتنانهم للسيد الرئيس عبدالفتاح السيسى ، رئيس الجمهورية.
تحديات ورؤية مستقبلية
يواجه المسلماني تحديات ضخمة في تطوير مبنى ماسبيرو وتحديث معداته وبرامجه، وهي مهام تتطلب دعمًا ماليًا وفنيًا ولوجيستيًا من مؤسسات الدولة، وجهدًا مضاعفًا من أبناء الهيئة الوطنية للإعلام.
هذه المجهودات تهدف إلى تقوية إعلام الدولة المصرية ، وتؤدى إلى نجاح قوى مصر الناعمة، وذراعها في الخارج، وحائط صد ضد كل من يتربص بالوطن.